دروس من صلوات الشهداء في كنيستنا المشرقية (ج6)

بقلم مسعود هرمز النوفلي
دروس من صلوات الشهداء في كنيستنا المشرقية (ج6)

28 / 10 / 2010
http://nala4u.com

في هذا الجزء سأتناول صلاة الشهداء التي يقوم المؤمنين بترتيلها يوم الخميس عصراً فقط والأبيات التي ترجمتها وأتكلم عنها موجودة في كتاب قذام واثر المطبوع في بغداد سنة 1998 في الصفحات 364 و 365 و 366 و367 .

1- المسيح مُخلّص العالم ، سيّد التسْبحة (الترتيلة) العظيم ، الذي أحبّهُ الشهداء وأنتصروا على الشيطان ، انهم مع الملائكة فرحين بالسماء وأمام الله قائمين (حاضرين) وسحقوا الدجال ( الشر) وأعماله (أعوانه) تحت أقدامِهم .

الدرس: مَحبة الشهداء للرب الذي فدى العالم بدمِهِ ليُصالح بين السماء والأرض كانت أقوى من كل أنواع المحبة ، وبهذا الحُب أستطاع الشهداء الأنتصار على الشر والدجل وسحقوه بأقدامهم وبالتالي أصبحوا أمام الله ومعهُ في الأعالي فرحين مُنتصرين لا يهابون أحداً ، هل بأمكاننا نحن الأقتداء بهم ونيل الشهادة للظفر بالملكوت ؟

2- عَمَلَ الشهداء الجبابرة اعجوبةً عظيمة عندما شاهدوا السيوف تلمع والجلادين ينحنون فلَمْ يخافوا ولم ينثنوا من الحُب الكبير لسيدهم (لربّهم) وقبلوا الموت وكأنه تكريماً لهم ولم يتركوا ايمانهم .

الدرس: كان الشهداء ينتظرون دورهم أمام الجلادين والقتلة وهم يُشاهدون السيوف والسكاكين الحادة تلمع في النهار وبضوء الشمس ، كان الشهداء يتقدّمون باحناءِ رؤوسهم بكل بساطة لقبول الموت السريع والسبب هو المحبة العظيمة للرب ، تلك المحبة التي كانت تجري في عروقهم ، اضافة الى ايمانهم الشديد الذي ما كان يثنيهم عنه أي شئٍ آخر ، درساً عظيماً لنا هنا عند النظر الى الأنسان الذي يقتحم العدو ويعطيه رقبته ليحصل على البركة السماوية.

3- الشهداء أصبحوا الذبائح الطيبة التي قبلها ربِّهم (إلهَهُم) وبدمائهم الطاهرة حصلوا على الملكوت التي لا نهاية لها ، صلّوا وأطلبوا من الرب أن لا يهلك الخُطاة وبصلواتِكُم تطلبون لهم السلام والهدوء .

الدرس: كانت تُقدم الذبائح في العهد القديم يومياً وانتقلت الينا أيضاً وخاصة في القرى والأرياف حيث نلاحظ ما يأخذه الكثيرون من الذبائح الثمينة كالخروف والعجل الى حوش (فناء) الكنيسة في بعض المناسبات ، واضع الترتيلة يقول لنا أن هؤلاء الشهداء أصبحوا هُمْ الذبائح ، وبدمائهم الزكية الطاهرة حصلوا على الملكوت ليتَّحِدُوا مع ابيهم السماوي ، من الملاحظ أيضاً ان واضع النشيد يترجى من الشهداء أن يتضرعوا للرب ويُصلّوا من أجل القتلة الذين أخطأوا بحقهم حتى لا يهلكون . الدرس شديد ومُهم لنا لأننا نطلب العكس تماماً لمثلِ هؤلاء ونرغب في تحطيمِهم وفنائِهم ، علينا أن نلاحظ الفرق بين المؤمن الحقيقي الذي لا يتكلم على أخيه والمؤمن في الأسم والجنسية فقط الذي يبرز عضلاته ويُفصح بلسانهِ عن كل ماهو نابعٌ من الحقد والكراهية وحتى الخُبث غير مُبالي بالتعاليم والآداب المسيحية والتي يصبحُ منها براءً .

4- لقد بنى ملك السماء والأعالي قصراً في السماء ووضع اسمه أورشليم مُباركاً مكتوباً ، نصبوا سلّم الحياة في الكنيسة ليصعدوا بهِ الى السماء ويكونوا معه في الملكوت .

الدرس: النشيد يربط بين السماء العليا وأورشليم الأرضية ويعطي للسماء هذا الأسم المقدس الخاص بالقصر في الأعالي ، ينقلنا السلّم المنصوب في الكنيسة الى هذا الأسم الذي بواسطته ننال الحياة الجديدة عبر الأيمان الحقيقي وبهِ نصل الى الهدف وهو الخلاص ، ولهذا علينا أن لا ننسى الكنيسة ووصاياها الأيمانية التي بها ننتقل الى رؤية الرب في الآخرة . كما صعد الشهداء نستطيع نحن الصعود والسلّم موجود الى كل من يجتهد ويدخل كما قال الرب من الباب الضيق .

5- طوبى لكِ أيتها البتول المقدسة ، طوبى لكِ يا أم الله ، طوبى لك على مدى الأجيال والقرون وكُلّهم يقولون طوبى لكِ ، طوبى لكِ من الآب ، وطوبى لكِ لأنكِ حمَلتِ البكر ، وطوبى لكِ من الروح القدس والذين يُسبّحوكِ في العالم .

الدرس: طوبى لأم الله التي حملت مُخلّص العالم وبكر الأنسانية الذي كان قبل ابراهيم ، الأم البتول تُطوّبها الأجيال الى الأبد وملايين الحناجر تُرتّل وتُنشد الى هذه الأم المُباركة التي خصّها الروح القدس وأختارها لتحمي في أحضانها ابن الله . نحن نقول أيضاً طوبى لكِ يا أمنا عندما طبعتِ القبلة الأولى لوجه الرب وأرضعتيه من صدركِ المبارك ، طوبى لكِ ونرجو منكِ أن تحمي شعبنا المُتشتت والمنقسم على نفسهِ لأنه بحاجة ماسة اليكِ قبل أن يتلاشى .

6- أنتَ ملك الملوك ، أنتَ المسيح مُخلّصنا ، ارحم عبيدك الذين يصرخون اليك في هذه الأزمنة الصعبة ، المشاكل (الصعوبات) مُحاطة بنا والمخاوف من كل الجهات ، لتصل رحمتك الينا وأعطنا القلب (قوّة الأرادة القلبية) وخلّصنا .

الدرس: على مر الأزمنة يمر المسيحيين بصعوبات كبيرة تصل أحياناً الى انهاء وجودهم كلياً ، يطلب المُرتل من الرب النجدة والأنقاذ لأنهم مُحاطين من كل الاتجاهات بالأرهاب والأختطاف والتفجيرات وعدم الأستقرار ، علينا التوجه نحو المُخلّص وتقديم عرائضنا عبر الصلاة القلبية ليكون لنا عوناً وسنداً وهو الذي قال أطلبوا تجدوا ، من يدق الباب يُفتح له .

7- آذم وكل الناس الصدّوقين ، وموسى وكل الأنبياء ، وبطرس وجميع الرُسل ، أستيفانوس وكل الشُهداء ، وأفرام ومجموع المعلمين ، وأنطونيوس والرهبان ، يتضرعون (يطلبون) اليك يا رب لكي ترحم العالم.

الدرس: يبدأ الكاتب بأول انسان آذم ويتدرج الى كل الأنبياء ابتداءً من موسى وبعده ومن ثم يذكر الرسول بطرس عمدة الكنيسة مع الرسل الأطهار جميعاً ، ويسترسل باسم الشهيد الأول في المسيحية أستيفانوس ومنه الى كل من أصبح (أو أصبحت) شهيد (أو شهيدة) للأيمان وبعدهم معلمنا العظيم الأول مار أفرام ملفان (مُعلّم) الكنيسة المشرقية ولم يكتفي بذلك بل ذكر أبي الرهبان مار أنطونيوس ورفاقه الرهبان . لكل هؤلاء يترجى الكاتب أن يطلبوا من الله أن يرحم العالم ، العالم الذي قتلهم وسفك دمهم . لنتصور كيف ولماذا يطلبون الرحمة ، السبب هو الأقتداء بمُعلّمهم المسيح الذي غفر الى صالبيه وهو على خشبة الصليب ، هل نستفاد ونتّعظ ونغفر لمن يسيء الينا؟ إذا نحن مسيحيون فعلاً ومؤمنون نقول نعم .

8- الموتى الذين تسلّحوا بك يا رب في مياه المعمودية ، بك تتطهّر أجسادهم من كلِّ أشكال الخطيئة ، الموتى الذين أكلوا جسدك وفرحوا بدمك الحي ، اعمل يا رب تذكاراتهم في اماكن تواجدهم .

الدرس: في المعمودية نلبس اسم المسيح وفي المياه والميرون نتسلّح بقوة الروح القدس وتتطهر أجسامنا ، وننال بركات النعمة ، يضيف المرتل ويقول بالقربان الذي أكله الشهداء والدم الذي شربوه وفرحوا به يكون ذلك عربوناً لعمل تذكاراتهم والفرح بسيرتهم وأسمائهم .

9- أيها التاجر الروحاني الشهيد مار سركيس ، المرجان بلا عيب ، أضاء النور فيك الذي اشتريته بدمك وحصلت على الأسم الذي لا يُشترى ، أطلب للكنيسة وأولادها المحبة والسلام والأتحاد (الوفاق أو الوحدة) .

الدرس: يترجى الكاتب من الشهيد مار سركيس لكي يُساعد الكنيسة ويطلب لها من الرب كل القوّة والسلام والعيش وفق الأيمان الصحيح والمحبة الفائقة بالأتحاد والوحدة ، يصفه بالتاجر ، ولكن ليس مثل التجار الآخرين الذين يُتاجرون بالمواد والأجهزة والنقود ، وإنما التجارة في الحياة الروحية ، ويضيف ويقول بأنه مثل الؤلؤة بدون عيب لأنه قد ربح النور المُضيئ بهِ والذي أشتراه بدمهِ المبارك .

10- الكنيسة بيت الله ، والمذبح كرسي الأحترام ، والشهداء مثل الملائكة يُزمّرون ( يُرتلون أو يُشمّشون) ليسوع المسيح ، المبنية بالأحجار الكريمة المرصّعة والمرجان ، التي صنعها مار بطرس ومار بولس ومار يوحنان ومار أندراوس .

الدرس: وصَفَ الكنيسة بما يليق بها وبصفاتها من انها بيت الرب المبنية والمصنوعة من قبل الآباء القديسين بكل ما يفوق من الأحجار الثمينة التي هي أغلى ما موجود في الكون ، يقول المرتل بأن الشهداء مثل الملائكة ينشدون ويغنّون ويُسبِّحون الرب في الأعالي وهم موجودون أمام المذبح الذي هو العرش والأحترام .

وأخيراً لقد أصبحت دماء الشهداء وأجسادهم مثل القطع الأثرية الغالية الثمن التي دُفنت في التراب الى الأبد حيث كان المسيحيون الأوائل يبنون الكنائس والأديرة في أماكن اعدام الشهداء من اجل التبارك بهم وتذكار سيرتهم وأعمالهم .

مسعود هرمز النوفلي
28/10/2010

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, دين. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.