الحرية الفردية وعدم التدخل في الشأن الآخر

بقلم نشوان جورج
Nashwan.george@yahoo.com
الحرية الفردية وعدم التدخل في الشأن الآخر

15 / 10 / 2007
http://nala4u.com

في احد الايام ونحن نتجول في العاصمة الالمانية برلين برفقة شبان من بلدان عربية مختلفة، وإذ كنا في احد قطارات الانفاق التي تستعمل للتنقلات داخل المدينة رأينا مشهداً اجتماعياً أثار غضب احد الشبان برفقتنا إذ انه راى فتاة وفتى يتعانقان ويُقبل احدهما الآخر، فأخذ يحملق فيهما مستاءً لفعلتهما هذه، وقد ازداد استغراباً عندما وجد الركاب ينظرون اليه ويحتقرونه بدلاً من احتقار العاشقين المتعانقين، وكأن نظراتهم تقول له مابالك وبالهما.
بعد نزولنا من القطار، وقعنا في شجارٍ معه لتصرفه وحاولنا إقناعه بأنه في مجتمع يقوم على اساس من الاخلاق يختلف عن اساس الاخلاق في بلداننا الشرقية، إلا انه اصر على النظر الى الامور من خلال القيم المحلية التي نشأ عليها في بلده.
إن الحضارة الحديثة تقوم على اساس آخر من الاخلاق التي تربى عليها هذا الشاب فالناس فيها لا يكترثون ان يفعل الانسان بنفسه مايشاء مادام لا يتعرض بغيره او يعتدي عليه. فالحرية الفردية هي المحور الذي تدور عليه اخلاق الحضارة ومؤداها ان الفرد حرّ ان يفعل مايشاء مادام لا يتعرض بحرية غيره.
ومن الامور الأخرى التي لفتت انتباهنا هناك هي عدم التدخل في الشأن الاخر، ففي محل إقامتنا حيث كنا نسكن في عمارة من خمس طوابق اعتقدنا بأننا الوحيدون في هذه العمارة وكأنها كانت مهجورة إلا انها وبعد ان استفسرنا عرفنا بأنها مكتظة بالسكان، وعرفنا فيما بعد ان الناس هنا لا يتدخلون في شؤون الاخرين فيقفون امام بيوتهم او شققهم للحديث مع الجيران والاستفسار عنه وما الذي يعمله او من هو وهل هو متزوج وكم طفلاً لديه ما الى ذلك من الاستفسارات التي نشغل انفسنا بها نحن في بلداننا فنهدر عقولنا ونهدر طاقاتنا وبالنتيجة نهدر مستقبلنا.
اما هم وبعدم تدخلهم بالشأن الاخر فإنهم يحررون افكارهم من امور باطلة تقيد العقل وتحدّه ويوفرون طاقاتهم لما هو مهم ولهذا نراهم متقدمين عنا كثيرا وفي جميع مجالات الحياة.
ليتنا نتعلم قليلاً من نظمهم الاجتماعية علنا نلحق ونواكب تطورهم وتقدمهم فنبني بلدنا ومجتمعنا وفق الحضارة الحديثة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.